کد مطلب:280448 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:179

الامر النبوی فی الاموال
قال النبی (ص) إن لكل أمة فتنة. وفتنة أمتی المال، [1] ولما كان فتنة الأمة فی المال، بینت الشریعة الخاتمة موضع الرحاب الآمن، وشاء الله أن یكون الأمن فی فعل الرسول، بمعنی أن النجاة لن تكون فی منع الروایة عن الرسول، لأن الله تعالی بین موضع كل مال. وقسمه بین عباده تقسیما حقا بوضع قوانین عادلة تعدل الملك تعدیلا حقا یقطع منابت الفساد، وهذه القسمة وهذه القوانین نفذها النبی (ص) وهو یبین للناس ما أنزل إلیهم من ربهم، وفی الوقت الذی كان النبی (ص) یقیم الحجة. كان یخبر بالغیب عن ربه ویقول إن هذا الدینار والدرهم أهلكا من قبلكم وهما مهلكاكم، [2] وأمر النبی (ص) بأوامر تدفع هذا الهلاك، ومنها التقدم بالصدقة، لأن من خاصتها أنها تنمی المال. لأنها تنشر الرحمة وتورث المحبة. وتآلف القلوب وتبسط الأمن. وتصرف القلوب عن أن تهم بالغضب والاختلاس والفساد والسرقة. وتدعو إلی الاتحاد والمساعدة والمعونة. وبذلك یفسد أغلب طرق الفساد، وحذر علیه الصلاة والسلام من التعامل بالربا، لأن الربا من خاصته أنه یمحور المال ویفنیه تدریجیا، من حیث أنه ینشر القسوة والخسارة ویورث البغض والعداوة وسوء الظن، ویفسد الأمن والحفظ. ویهیج النفوس علی الانتقام بأی وسیلة أمكنت، ویدعو إلی التفرق والاختلاف، وبذلك یفتح



[ صفحه 323]



أغلب طرق الفساد وأبواب الزوال علی المال.

ولأن المجتمع فی نظر الشریعة ذو شخصیة واحدة، له كل المال الذی أقام به صلبه وجعله له معاشا، فإن الشریعة الزمت المجتمع بأن یدیر المال ویصلحه ویعرضه معرض النماء، ویرتزق به ارتزاقا معتدلا مقتصدا. ویحفظه من الضیعة والفساد، ومن مجملات القرآن التی تتعلق بالأموال وبینها رسول الله (ص) لیستقیم حال المجتمع، قوله تعالی: (یسألونك عن الأنفال. قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بینكم وأطیعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنین)، [3] والمعنی:

یسألك أصحابك یا محمد عن هذه الغنائم التی غنمتها. فقل: هی لله والرسول. یحكم فیها الله بحكمه ویقسمها الرسول. وروی أن النبی (ص) قال إنما أنا قاسم وخازن. والله یعطی، [4] وقال ما أعطیكم ولا أمنعكم أنا قاسم أضع حیث أمرت، [5] وبین النبی (ص) حكم الله فی الغنیمة، وقال تعالی: (واعلموا إنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذی القربی والیتامی والمساكین وابن السبیل إن كنتم آمنتم بالله...)، [6] وبین الرسول حكم الخمس وحكم الأربعة أخماس، وعلموا حق الذین حرمت علیهم الصدقة من ذی القربی، وحق الجنود.

وقال تعالی: (إنما الصدقات للفقراء والمساكین والعاملین علیها والمؤلفة قلوبهم وفی الرقاب وفی سبیل الله. فریضة من الله والله علیم حكیم)، [7] قال المفسرون: بین الله تعالی أنه هو الذی قسم الصدقات وبین حكمها وتولی أمرها بنفسه، ولم یكل قسمتها إلی أحد غیره، فقوله



[ صفحه 324]



فریضة من الله إشارة إلی أن تقسیمها إلی الأصناف الثمانیة أمر مفروض منه تعالی، وإشارة إلی أن الزكاة فریضة واجبة، وقوله تعالی:

(والله علیم حكیم) إشارة إلی أن فریضة الزكاة مشرعة علی العلم والحكمة، لا تقبل تغییر المغیر.

وروی أبو داوود عن زیاد بن الحارث قال أتیت النبی (ص) فبایعته. فأتاه رجل. فقال: اعطنی من الصدقة، فقال له النبی (ص): إن الله لم یرض بحكم نبی ولا غیره فی الصدقات حتی حكم فیها. فجزأها ثمانیة أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطیتك حقك.

وأقامت الشریعة الخاتمة الحجة علی المسیرة، فأخبر النبی الخاتم (ص). إن فتنة أمته فی المال، وبین كیف تدخل الأمة فی حجاب الأمن. وفی الوقت الذی بین فیه النبی (ص) حكم الغنیمة أخبر بالغیب عن ربه، بأن فتنة المال ستصیب البعض، وقال كأنی براكب قد أتاكم فنزل. فقال. الأرض أرضنا والفیئ فیئنا وإنما أنتم عبیدنا. فحال بین الأرامل والیتامی وما أفاء الله علیهم، [8] أخبر النبی بهذا حتی یأخذوا بالأسباب وهم تحت سقف الامتحان والابتلاء. لأن الله تعالی ینظر إلی عباده كیف یعملون.


[1] رواه الترمذي وصححه (الجامع 569 / 4).

[2] رواه أبو داوود عن أبي موسي (كنز 191 / 3) والطبراني والبيهقي عن ابن مسعود (كنز 191 / 3).

[3] سورة الأنفال آية 1.

[4] رواه البخاري (الصحيح 190 / 2).

[5] رواه البخاري (الصحيح 192 / 2).

[6] سورة الأنفال آية 41.

[7] سورة التوبة آية 60.

[8] رواه ابن النجار (كنز 195 / 11).